تفسير قوله تعالى: ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا )
انت في الصفحة 1 من صفحتين
في سورة الجن، الآية (رقم/3): ( وأنه تعالى جد ربنا ما اتخذ صاحبة ولا ولدا ) يكررها الملحدين تشكيكا في ديننا، كيف نرد عليهم ردا مفحما ؟ هل المتحدث هنا هم الج0ن جهلا منهم ؟ أم المقصود بقوله ( جد ) ضد الهزل ؟
الجواب
الحمد لله.
هذه الآية من سورة " الجن " ذات الوقع المؤثر في النفوس، تحكي حديثا صدر عن الجن الذين استمعوا القرآن من النبي صلى الله عليه وسلم، فآمنوا بالقرآن، وأسلموا.
قال الله تعالى: ( قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقَالُوا إِنَّا سَمِعْنَا قُرْآَنًا عَجَبًا. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآَمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنَا أَحَدًا. وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا مَا اتَّخَذَ صَاحِبَةً وَلَا وَلَدًا. وَأَنَّهُ كَانَ يَقُولُ سَفِيهُنَا عَلَى اللَّهِ شَطَطًا ) الجن/1-4.
والجد في الآية معناه: العظمة والجلال، وليس معناه "أبو الأب" كما فهم هؤلاء المفترون.
قال ابن فارس في "معجم مقاييس اللغة" (1/364):
" الجيم والدال أصولٌ ثلاثة: الأوَّل العظمة، والثاني: الحَظ، والثالث: القَطْع.
فالأوّل: العظمة: قال الله جلّ ثناؤُه إخبارًا عمّن قال: ( وَأَنَّهُ تَعَالَى جَدُّ رَبِّنَا ) الجن/3.
ويقال: " جَدَّ الرجُل في عَينِي " أي: عَظُم، قال أنسُ بنُ مالكٍ: ( كان الرجلُ إذا قرأ سورةَ البقرة وآلِ عِمرانَ جَدَّ فينا ) أي: عَظُم في صُدورِنا.
والثاني: الغِنَى والحظُّ: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في دعائه: ( لا يَنْفَع ذا الجَدِّ مِنْكَ الجَدُّ ) يريد: لا ينفَعُ ذا الغنى منك غِناه، إنّما ينفعه العملُ بطاعتك.
والثالث: يقال: جَدَدت الشيءَ جَدًّا، وهو مجدودٌ وجَديد، أي: مقطوع " انتهى.
وانظر: "لسان العرب" (3/107).
فتفسير عبارة الجن التي حكاها الله عنهم: ( وأنه تعالى جد ربنا ) كتفسير دعاء استفتاح الصلاة أيضا: ( سُبْحَانَكَ اللَّهُمَّ وَبِحَمْدِكَ، تَبَارَكَ اسْمُكَ، وَتَعَالَى جَدُّكَ، وَلَا إِلَهَ غَيْرُكَ )
رواه مسلم موقوفا عن عمر (399).